آلاف النخيل تموت ببطء أمام أنظار المسؤولين ولا مُغيث

يكفي أن تلج إلى قلعة الشيخ بوعمامة، الواقعة على بعد 50 كيلومتر من دائرة عين الصفراء بولاية النعامة، لتقف على حجم الكارثة، التي ألمّت بسكان هذه المنطقة، بفعل الفيضانات، التي ضربت القلعة في أكتوبر من العام ماقبل الماضي؛ فرغم مرور كل هذه المدة عن هذه الفيضانات، إلا أن آثارها لاتزال موجودة، وكأن فيضان الوادي حدث مؤخرا، وليس قبل سنتين. والسبب راجع إلى تجاهل المسؤولين لانشغالات مئات الفلاحين، الذين فقدوا عشرات الأشجار المثمرة ويبكون يوميا نخيلهم، التي تموت ببطء أمام أعينهم، بسبب توقّف مياه السقي، التي كانت تضخّها العين الكبيرة.

بعد رحلة دامت ست ساعات كاملة عن طريق الحافلة والسيارة، وصلنا في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال قرية ''مُغرار التحتاني''، أو ما أصبح يسمّى حديثا بقلعة الشيخ بوعمامة، نسبة إلى زعيم مقاومة الجنوب، الذي احتضنته القرية ست سنوات كاملة؛ حيث لم نستغرق وقتا طويلا، لنكتشف آثار الطامّة، التي نزلت بفلاحي هذه البؤرة المعزولة. إذ تحوّلت واحتهم، التي تشكل مصدر رزقهم الأساسي من جنّة تضم أكثر من 13 ألف نخلة ومئات الأشجار المثمرة، إلى منطقة شاحبة تحتفظ بآثار أشجار يبِست وماتت من شدة العطش، وآلاف النخيل لاتزال شامخة، غير أنها تفتقد لعراجين التمور، إذ أصبحت هذه الأخيرة ناذرة في منطقة كانت تنتج آلاف القناطير من أجود التمور، التي تزخر بها الواحة، أشهرها أنواع الأغراس والفقوس.

النخيل موجود وعراجين التمور اختفت
وبالرغم من أن المُصاب جلل، والأضرار جمّة؛ إلا أن الجهات المسؤولة لم تحرّك ساكنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، حيث بعد مرور أكثر من سنتين عن الليلة المشؤومة التي حمل فيها الوادي على الواحة، لا تزال جُلّ سواقي نظام '' الفُقارة '' الذي يعتمد عليه الفلاحين لسقي بساتينهم تفتقد لنقطة مياه واحدة، وذلك بسبب استمرار انسداد العين الكبيرة الموجودة في مدخل القلعة، إذ أن سيول الأتربة والرمال، التي جرفها الوادي، آنذاك، أدّت إلى انسداد كلّ القنوات، على امتداد مسافة طويلة، ما أدّى إلى تعطل السقي وموت عدد كبير من الأشجار.
ولاستظهار حجم الأضرار، التي لحقتهم، أكد العديد من الفلاحين الذين اتصلت بهم '' الخبر''، بأنهم على غير العادة أصبحوا يشترون التمور من مناطق أخرى، حيث بعد أن ''كنا نخزن المنتوج في بيوتنا لنأكل منه طول السنة، وتصدير جزء كبير من الإنتاج والتصدق بالجزء الآخر، أصبحنا لا نقدر حتى على تلبية احتياجاتنا، وذلك بسبب تقلص الإنتاج إلى حدود قصوى، بسبب انعدام السقي، كون أن نخيل واحتنا متعوّد على المياه، خلافا للنخيل الآخر؛ وهو ما أدّى إلى تحصيل كميات زهيدة، وصلت إلى حدود 30 كلغ للنخلة الواحدة، بعد أن كان معدل الإنتاج يصل إلى قنطار ونصف من أجود أنواع التمور ''.
والغريب في الأمر، حسب المتضررين، هو أن '' قلعة الشيخ بوعمامة، لم تعلن منطقة منكوبة عقب فيضانات أكتوبر، بالرغم من أن الأضرار، التي لحقتها أكبر بكثير من الخسائر، التي طالت أماكن وجهات أخرى بالولاية، تم إعلانها مناطق منكوبة في بيان مجلس الحكومة، آنذاك، على غرار بلديتي عسلة والصفيصفة ''، مُحمّلين جزءً كبيرا من مسؤولية هذا الأمر إلى السلطات المحلية، وعلى رأسها مسؤولي بلدية مُغرار الذين ''تنصّلوا من مسؤولياتهم وأخدوا موقع المتفرّج، بدل أن يدافعوا عن المنطقة وأهلها ''.
وباستثناء الجزء السفلي للواحة الذي لايزال الإخضرار يطبعه والمياه تجري في سواقيه، استسلمت باقي أجزاء الواحة للعطش والجفاف، كون أن المنطقة تعتمد في سقيها على عين سيدي الحاج بحوص والتي كانت في منأى عن خطر الوادي، بالإضافة إلى العين الكبيرة التي تعطلت وتوقفت عن الضخ منذ حلول الكارثة. علما أن هذه الأخيرة تشكل المورد الأساسي للسقي كونها تسقي ثلاثة أرباع الواحة، وهو ما أدى إلى تسجيل أضرار جمّة وغبن كبير للسكان لدرجة أن السواد الأعظم منهم يعتمدون حاليا على مبلغ ثلاثة آلاف دينار، الذي يتقاضونه، في إطار الشبكة الإجتماعية.
ومن المفارقات الغريبة، حسب أهل القلعة، أن فيضانات أكتوبر من السنة الماضية مشابهة للفيضانات، التي ضربت الواحة في نفس الشهر من سنة 1938، حيث تسبّبت آنذاك في مقتل تسعة أشخاص وتسجيل خسائر كبيرة كانت مصدر إلهام أحد السكان، الذي نظم قصيدة شعرية، تضمّ أكثر من مائة بيت، رثى فيها المفقودين وصوّر فيها هول الفاجعة، ولا تزال مُعلقة في متحف الواحة، ويحفظها أهل المنطقة عن ظهر قلب. إلا أن الفارق، الذي يحزّ في النفس حسب السيد ''ع. أحمد''، هو أن ''الإدارة الإستعمارية في تلك الحقبة جنّدت كل الوسائل، لإعادة جبر الأضرار وإحياء الواحة من جديد، مع إقرار تعويضات لكل المتضررين، بينما لم نستفد نحن من أي فلس ولم نحظ بأيّ اهتمام، بسبب تماطل بعض الجهات عن آداء المهام المنوطة بها، الأمر الذي يجعلنا اليوم نطالب بلجنة تحقيق، ونستنجد بأعلى السلطات في البلاد للتدخل من أجل إعادة إحياء العين الكبيرة وصرف تعويضات لكل المتضررين ''.

المتضررّون يطالبون بإعادة الإعتبار لواحتهم
ويتابع سكان المنطقة، الذين لهم جذور قبلية أمازيغية، سرد محنتهم بالقول ''لما يئسنا من تدخل الجهات المسؤولة، عمدنا إلى التشمير على سواعدنا وقمنا بحملات تطوّعية في عز شهر رمضان ما قبل الماضي، الذي تزامن مع فصل الصيف، شارك فيها الشباب والمسنون وحتى الأطفال بهدف إعادة ضخّ ماء العين المغمورة. وقد نجحنا، بعد أيام من العمل، في تنظيف الفقارة من أطنان من الأتربة والأوحال، ليذهب عملنا كلّه سدى؛ حيث أتت الأمطار، التي تساقطت في نهاية الشهر الكريم وأعادتنا إلى نقطة الصفر''.
كما يُجمع الضحايا على رضاهم بالمصاب، الذي قدره الله لهم، غير أنهم يندّدون بالتجاهل والتهميش، الذي تعاملهم به السلطات الوصيّة، حيث باستثناء أشغال الحائط، الذي تم إنجازه لتحصين الواحة من الوادي والذي استهلك ما يقارب سبعة ملايير سنتيم، لم يستفد المتضرّرون من أي تمويل يذكر، رغم الوعود، التي تم توجيهها لأهل المنطقة، بتسخير مبلغ 21 مليار سنتيم، من أجل إعادة الإعتبار للواحة.

القصر القديم ..
شاهد على جريمة في حقّ معلم عمره عشرة قرون
ولا يمكن أن تزور القلعة، دون أن تعاين المعالم الأثرية، التي تزخر بها المنطقة، والتي أصبحت شاهدة على جريمة شنعاء في حق آثار عمرها قرون خلت، دون أن تحرّك وزارة الثقافة ساكنا، ماعدا بعض العمليات الترميمية، التي لم تستوف الشروط المفترضة، رغم أنها من حيث القيمة تشكّل ثروة، من شأنها استقطاب آلاف السيّاح الأجانب والمحليين. والبداية مع القصر القديم، الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن العاشر من الميلاد، والذي يوجد حاليا في مرحلة الاحتضار، ينتظر من ينقذه من الإندثار الأبدي، حيث يروي بعض المهتمين بالآثار بحسرة شديدة الحال السيء، الذي آل إليه هذا المعلم، خلال العقد الأخير، لاسيما بعد الفيضانات المتتالية، باعتبار أن الإنهيارات طالت العديد من الأسقف والجدران لدرجة أن بعض الممرات اختفت وبعض الطوابق السفلية غمرتها بقايا الإنهيارات.
ويتوفر القصر، الذي تعاقبت عليه مئات العائلات من مختلف العصور، على ثلاثة مداخل كانت تغلق في توقيت محدد، ولا يُسمح لأي أحد بالولوج إليها، خاصة أثناء فترة الإحتلال، أشهرها المدخل الرئيسي، الذي تقابله ساحة صغيرة يطلق عليها إسم '' الداير''؛ وهي المكان المخصّص لممارسة السياسة والتجارة، بدليل المحلات الستة، المترامية على أطرافها.
ولدى معاينتك لطريقة تصميم القصر، تكتشف عبقرية من كانوا وراء بنائه، حيث لم يعتمدوا سوى على مواد بسيطة محليّة، مثل الطين وجذوع النخل وجريدها. ومع ذلك صمد لمدة تفوق العشرة قرون، في شكل بنايات تضمّ طوابق علوية، تصل إليها عن طريق سلالم، صنعت بفروع النخل، مثلها مثل النوافد والأبواب، مع وجود كل مستلزمات العيش، على غرار بيت العُلى الذي يخصص لتخزين المواد الأولية، لاسيما التمور، وكذا مربط الحمار، المتاخم للمطمورة أو بيت الخلاء. إذ أن المنازل تعتمد على نظام خاصّ لتصريف الفضلات، بالشكل الذي يجعلها تستغل في الفلاحة. ويتساءل أهل المنطقة عن سرّ إدارة وزارة الثقافة ظهرها لهذا الصرح التاريخي الهام، حيث تم ترميم قصور كثيرة في المنطقة مثل بوسمغون، تيوت والصفيصفة. بينما تم تجاهل هذا القصر، رغم أهميته القصوى، مع أن العملية لا تتطلب اعتمادات مالية كبيرة، حيث يقول أهل المنطقة '' المواد الأوّلية موجودة، واليد العاملة المؤهلة متوفرة، كل ما ينقص هو توفر نيّة السلطات العمومية للحفاظ على القصر واستغلاله في المجال السياحي للبلاد ''.
وعلى بعد أمتار قليلة، توجد قبالة القصر دار الشيخ بوعمامة، وهي المكان الذي استقر فيه زعيم مقاومة الجنوب سنة 1875 وإلى غاية ,1881 حيث خلافا على القصر قامت وزارة الثقافة بإجراء ترميمات على هذا المرفق بقيمة تسعة ملايير سنتيم، غير أنها حسب الإختصاصيين لم تكن سوى عملية إعادة بناء عن طريق استعمال الإسمنت وليس ترميم بالمقاييس المفترضة.
ومع أن الدار أو الزاوية تضمّ وثائق ومخطوطات تاريخية ذات أهمية قصوى، إلا أنها لا تحظى بأيّ رعاية أو إشراف، كون أن المتحف يسير بالبركة والتطوّع، دون أي إدارة أو تأطير أو حتى حراسة، (حارس في إطار الشبكة الإجتماعية)، وكلّ ما يوجد داخل المتحف من كنوز تاريخية جُمع عن طريق التطوّع من قبل السكان وجمعية اصداقاء الشيخ بوعمامة، حيث يوجد في المتحف صور ووثائق ناذرة على غرار مخطط تقرير يخصّ نسف زاوية الشيخ بوعمامة من قبل الإستعمار مؤرخ بيوم 29 نوفمبر 1881، وبعض المراسلات من الإدارة الفرنسية إلى الشيخ لطلب الهدنة، ومقالات عن الشيخ في صحف عالمية، مثل البرهان والتايمز، وصورة للشيخ صوّرها أسير إسباني، بالإضافة إلى أسلحة قديمة تمثل مقاومة الشيخ ومعدّات حربية وصور مجاهدي المنطقة، وغيرها من الكنوز الناذرة، التي تبقى تُسيّر بفضل التطوع في انتظار التفاتة جدية من المسؤولين.

الشيخ بوعمامة الجزائري، رمز لرفض الإستعمار

الشيخ بوعمامة:
المصدر: الموقع الرسمي لوزارة المجاهدين الجزائرية

هو محمد بن العربي بن ابراهيم الملقب بالشيخ بوعمامة ,وهي التسمية التي لازمته طول حياته ,لكونه كان يضع عمامة على رأسه شأنه في ذلك شأن كل العرب . ينتمي عائليا إلى أولاد سيدي التاج الإبن الثالث عشر لجد الأسرة الأول من زوجته الفقيقية ,وما عرف عنه أنه سليل فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة .ولد بوعمامة على الأرجح مابين 1838و1840 بقصر الحمام الفوقاني في منطقة فقيق المغربية ,وفي هذه الفترة الصعبة من تاريخ الجزائر أجبرت عائلته على الهجرة ومغادرة الأرض والاستقرار في الأراضي المغربية ,وواكب ذلك إبرام معاهدة لالة مغنية عام1845 بين السلطات الاستعمارية الفرنسية و السلطان المغربي عبد الرحمن .أبوه هو الشيخ العربي بن الحرمة الذي كان يزاول مهنة بيع البرانس و الحلي مابين منطقة فقيق و المقرار التحتانبي وقد وافته المنية في هذه المنطقة عام 1879 . ينتمي الشيخ بوعمامة عقائديا إلى الطريقة الطيبية التي حلت من المغرب الأقصى, وعن طريق الحدود وصلت الى الغرب الجزائري حيث انتشرت انتشارا واسعا ,كماأن انتماءه إلى الطريقة الطيبية لم يمنعه من التأثر بالطريقة السنوسية كذلك ومرد ذلك القرابة التي كانت بين الطريقة السنوسية وبين أولاد سيدي الشيخ ,على اعتبار أن هذه الطريقة كان منبعها الغرب الجزائري .
استطاع الشيخ بوعمامة تأسيس زاوية له في منطقة المقرار التحتاني مما زاد في شعبيته وكثر بذلك أتباعه ومريدوه في العديد من المناطق الصحراوية . دامت مقاومة الشيخ بوعمامة أكثر من ثلاثة وعشرين عاما,حتى أطلق عليه لقب الأمير عبد القادر الثاني ,وقد اشتهر بقدرته الفائقة في مواجهة قوات الاحتلال التي لم تنجح في القضاء عليه رغم محاولاتها سياسيا وعسكريا ,إلىأن وافته المنية في 17 أكتوبر 1908 بمنطقة وجدة المغربية

مقاومة الشيخ بوعمامة:

1- مقدمة

عانى الجنوب الوهراني على غرار المناطق الجزائرية الأخرى ويلات الاستعمار الفرنسي من خلال سياسته الجهنمية المبنية على ضرب الصف الواحد معتمد في ذلك على الدور الكبير للمكاتب العربية التي نجحت بدورها في خلق البلبلة وإثارة أحقاد القبائل فيما بينها حتى يستتب لها الأمر, كما أنها استطاعت أن تتغلغل بين العائلات الكبيرة لخلق الفتن وهذا ما حدث بين فرع الغرابة الذي ينتمي إليه الشيخ بوعمامة و فرع الشراقة أبناء عمومته إلا أن الشيخ بوعمامة أدرك نوايا الاستعمار الفرنسي ,فأعلن الجهاد لتخليص البلاد والعباد من براثن الاحتلال الفرنسي وقداستمر جهاده إلى غاية عام 1908.

2- الأوضاع الممهدة لمقاومة الشيخ بوعمامة

إن المتتبع لتاريخ منطقة الجنوب الوهراني منذ مقاومة أولاد سيدي الشيخ يجد أن المنطقة كانت تعيش إستقلالية في تسييرها لشؤونها الداخلية ومرد ذلك هو التمركز الضئيل جدا للمستوطنين في المنطقة ,وحتى الجيش الفرنسي لم يكن يملك إلا مركزا واحدا في لبيض سيدي الشيخ فرع الشراقة , لكنه استطاع بعد معارك ضارية خاضتها ضده عائلة أولاد سيدي الشيخ من تشتيت هذه العائلة , فمن أفرادها من اضطر مكرها إلى الهجرة إلى المغرب الأقصى ,ومنهم من نزح إلى ضواحي الجنوب الأقصى وتمركز في منطقة المنيعة .
و الملفت للانتباه أن عزوف سكان المنطقة عن المقاومة التي كانوا قد أعلنوها عام 1864لم يدم طويلا ,حيث ظهر على مسرح الأحداث فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة من خلال الصمود الذي أثبته الشيخ سي معمر بن الشيخ الطيب رئيس فرع الغرابة في مقارعته للعدو الفرنسي في المنطقة بداية من شهر أفريل 1873 , لكن هذا الأخير اضطر إلى الانسحاب ووضعه تحت الإقامة الجبرية , ولكن ما أن انتهت فترة 1878 -1880 حتى ظهرت شخصية مجاهدة أخرى من نفس الفرع وهي الشيخ بوعمامة الذي حمل لواء الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي ووقف في وجه التوسع في المناطق الصحراوية.

3- أسباب مقاومة الشيخ بوعمامة

يكفي القول بأن رفض الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي يعد من أهم العوامل التي دفعت بالشيخ بوعمامة إلى الإعداد والتنظيم للعمل الثوري ضد العدو بالجنوب الوهراني ومما لاشك فيه أن هناك جملة من الأسباب ساهمت بشكل كبير في التعجيل بإشعال الثورة ومن أهمها مايلي:
1- الأسباب المباشرة:
يعتبر مقتل الضابط الفرنسي واين برونر وهو برتبة ملازم أول وكان يشغل رئيس المكتب العربي لمنطقة البيض وذلك في 22أفريل 1881 ,مع أربعة من حراسه من فرسان الصبايحية عندما حاول جاهدا إيقاف نشاط الشيخ بوعمامة السبب المباشر في اندلاع المواجهة بين الشيخ بوعمامة والإدارة الاستعمارية الفرنسية .
2- الأسباب غير المباشرة :
لقد تأثر الشيخ بوعمامة بفكرة الجهاد ضد الصليبيين الغزاة المحتلين لكونه رجل دين وصاحب زاوية , هذا إلى جانب الأفكار الإصلاحية التي وصلت إلى المناطق المجاورة وأثرت تأثيرا مباشرا على الشيخ , وكان من أبرزها دعوة جمال الدين الأفغاني و السلطان عبد الحميد الثاني إلى بناء تحالف إسلامي في إ طار الخلافة الاسلامية كأساس لتغيير أوضاع المسلمين وطرد المستعمرين و هي الأفكار التي وصلت إلى المغرب العربي كذلك عن طريق الوافدين من المشرق العربي ,يضاف إلى هذا كله دور دعاة الطريقة السنوسية في إثارة سكان المناطق الصحراوية ضد تغلغل الاستعمار ومواجهته وقد كان لهذا الدور مفعوله على نفسية الشيخ بوعمامة ,وهي عوامل كافية ليقوم الشيخ بوعمامة بحركته الجهادية ضد الإستعمار الفرنسي في منطقته.
ب- السبب الإقتصادي:
إن تردي الأوضاع الإقتصادية في منطقة الجنوب الوهراني في تفجير الأوضاع واندلاع الثورة , خاصة بعد انتشار المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة وفقدوا جرائها كل ممتلكاتهم ناهيك عن الغبن الذي تسببت فيه السياسة الجائرة للإدارة الاستعمارية ,ومنها منع بعض القبائل من التنقل ما بين 1879 و1881,خاصة قبائل آفلو والبيض و قبائل جبال القصور الرحالة وقد تولد عن ذلك نوع من التذمر و الاستياء الشديدين ,وقد نجم عن .موت أعداد كبيرة من المواشي وقد وصلت نسبة الخسائر التي لحقت بمنطقة آفلو وحدها بثلاثمائة رأس أي 80/. منهانسبة 37/. في سنة 1879-1880 و نسبة 43/. سنة 1880-1881 .
وكذلك عزم السلطات الفرنسية على إقامة مركز عسكري للمراقبة في قصر تيوت ,بعد فشل البعثة الرسمية لدراسة مشروع مد الخط الحديدي عبر الصحراء في الجنوب الغربي لإقليم وهران عام 1879

4- مراحل المقاومة

ا-المرحلة الأولى
لم يعلن الشيخ بوعمامة الثورة على الاستعمار الفرنسي بمنطقة الجنوب الوهرابي إلا بعد أن هيأ جميع القبائل الصحراوية عن طريق مريدي الطريقة الشيخية المنتشرين عبر كل المنطقة, ومنها قبائل الطرافي و رزاينة والأحرار و فرندة و تيارت ,وقد وجدت هذه الدعوة صداها لدى قبائل عمور و حميان و الشعامبة ,وقد استطاع الشيخ بوعمامة في وقت قصير أن يجمع حوالي ألفان وثلاثمائة جندي بين فرسان و مشاة .لقد وقعت أول مواجهة عسكرية بين الشيخ بوعمامة و القوات الفرنسية في 27 أفريل 1881 بالمكان المسمى سفيسيفة جنوب عين الصفراء ,أسفرت عن انهزام الجيش الفرنسي واستشهاد بعض رجال الشيخ بوعمامة منهم وقائد المعاليف قائد الرزاينة.وأمام خطورة الوضع سارعت السلطات الاستعمارية إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لقمع الثورة والقضاء عليها وتمثل المدد الذي وصل إلى المنطقة فيما يلي:
- ثلاث فيالق من المشاة تحت قيادة العقيد إينوسانتي .
- فرقتين يقودهما القايد قدور ولد عدة .
- فرقة تيارت يقودها الحاج قدور الصحراوي.
- قافلة من ألفين وخمسمائة جمل ومعها ستمائة جزائري .
- قائد الشعبة العسكرية لمعسكر الجنرال كولينو دانسي هو الذي تولى القيادة العامة لهذه القوة العسكرية.
أما المواجهة العسكرية الثانية بين الطرفين الجزائري والفرنسي كانت في 19 ماي 1881 بالمكان المسمى المويلك وتقع قرب قصور الشلالة بجبال القصور ,وكانت معارك عنيفة جدا اشتد فيها القتال بين الطرفين وكان النصر فيها حليف الشيخ بوعمامة رغم تفوق العدو في العتاد والعدة .وحسب تقارير الفرنسيين أنفسهم فإن هذه المعركة خلفت خسائر لكلا الطرفين ,وقد قدرت خسائر الفرنسيين فيها ستون قتيل واثنان وعشرون جريحا.وبعد هذه المعركة ظل الشيخ بوعمامة سيد الموقف ,حيث توجه إلى الأبيض سيدي الشيخ مما ساعد الثوار في هذه الفترة على قطع خطوط التلغراف الرابط بين فرندة والبيض ومهاجمة مراكز الشركة الفرنسية الجزائرية للحلفاء,وقد قتل العديد من عمالها الإسبان مما دفع بالسلطات الفرنسية إلى اتخاذ اجراءات لحماية مصالحها منها تجميع أربعة طوابير قويةفي النقاط التالية:
- فرقة راس الماء أسندت مهمتها إلى العقيد جانين.
- فرقة بخيثر بقيادة العقيد زويني .
- فرقة تيارت وأسندت مهمتها إلى العقيد برونوسيار.
- فرقة البيض وكانت بقيادة العقيد تاديو ثم العقيد نيغريي.
ولمواجهة انتصارات الشيخ بوعمامة المتتالية قامت السلطات الفرنسية بتحركات سريعة تمثلت في إرسال قواتها نحو الجنوب الغربي من أجل تطويق الثورة والقضاء عليها وبالتالي تتوسع في المنطقة وتبسط نفوذها على كل قصور الجنوب الوهراني. لقد تم تكليف العقيد نيغريي بمهمة معاقبة القبائل التي شاركت مع الشيخ بوعمامة في الثورة وكانت البداية بنسف زاوية سيدي الشيخ الكبير المتواجدة بالبيض سيدي الشيخ,تلتها المجازر الرهيبة التي قام بها جيش الاحتلال في حق السكان العزل من أهالي الطرافي والربوات بمنطقة البيض انتقاما لمشاركتهم في الثورة ,ونفس الجرائم ارتكبت ضد سكان الشلالة الظهرانية ,و في الأبيض سيدي الشيخ ارتكبت أعمال شنيعة على يد السفاح نيغريي في 15أوت 1881 الذي قام بتفجير قبة سيدي الشيخ ونبش قبره وهو استهزاء بالجوانب الروحية للشعب الجزائري وعاداته وتقاليده.ومابين سبتمبر وأكتوبر عام1881 تعرضت القوات الفرنسية بقيادة كل من الجنرال كولونيو والجنرال لويس إلى هجومات المجاهدين قرب عين الصفراء نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين ,كذلك قام السفاح لويس بتحطيم القصرين اللذين كان يمتلكهما الشيخ بوعمامة وهما قصر مغرار الفوقاني وقصر مغرار التحتاني,كما دمرت زاوية الشيخ بوعمامة أيضا وقتل العديد من السكان العزل.
ومن التطورات الهامة التي حصلت خلال هذه الفترة كذلك هو التحاق الشيخ سي سليمان بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الغرابة إلى ثورة بوعمامة على رأس ثلاثمائة فارس ,واتجه مع قوته إلى جنوب غرب عين الصفراء ومنها إلى منطقة البكاكرة للضغط على القبائل الموالية للاستعمار الفرنسي.
أمام تزايد القوات الاستعمارية وتوافد الدعم لها من كل منطقة ازداد الضغط علىالشيخ بوعمامة فاضطر إلى الانسحاب متجها إلى منطقة فقيق بالمغرب الأقصى ,حيث قل نشاطه وتفرق أتباعه وأنصاره ,وقد انضم البعض منهم إلى السي قدور بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الشراقة ,أما البعض الآخر فقد انضم إلى صفوف الشيخ سي سليمان بن حمزة قائد أولاد سيدي الشيخ الغرابة ,وباقي المجاهدين فقد مكثوا بمنطقة فقيق وضواحيها. وفي 16 أفريل 1882 لاحقت قوات الاحتلال الشيخ بوعمامة في الأراضي المغربية ,لكنه رد عليها بهجوم عنيف في شط تيغري كبد العدو خسائر فادحة في الأرواح وأجبره على الانسحاب .لقد كان لهذه الهزيمة وقع كبير في الأوساط العسكرية الفرنسية ,وزادت من جهة أخرى الثورة صمودا وتحديا وأثبتت تفوقها مرة أخرى على القوات الفرنسية .
ب-المرحلة الثانية:
عرفت مقاومة الشيخ بوعمامة خلال هذه المرحلة فتورا ملحوظا بعد استقرار في مسقط رأسه الحمام الفوقاني بفقيق التي وصلها في جويلية 1883, حتى يتمكن من تنظيم صفوفه للمستقبل ,وهذا ماجعل السلطات الاستعمارية تتخوف من تحركاته الكثيفة لذا سارعت في إرسال برقية موقعة من طرف الجنرال سوسيي قائد الفيلق التاسع عشر إلى حكومته في باريس يدعوها إلى الضغط على السلطان المغربي لطرد الشيخ بوعمامة من الأراضي المغربية لأنه يشكل خطرا على المصالح الفرنسية في المنطقة .هذا التحرك دفع الشيخ بوعمامة إلى مغادرة المنطقة ,ولجوئه إلى إقليم توات واحتمى بسكان واحة دلدول مع نهاية عام1883 ,واستقر هناك إلى غاية عام 1894 حيث أسس زاوية له وشرع في تنظيم الدروس الدينية لمواصلة الجهاد ووقف زحف التوسع الاستعماري في الجنوب الغربي ,حيث قام بمراسلة مختلف شيوخ القبائل الصحراوية لإعلان الجهاد ضد الكفار ومقاومتهم .كماكان لهذا النشاط صدى واسعا بين القبائل الصحراوية ,خاصة قبائل التوارق الذين اقترحوا عليه الانتقال إليهم ليتعاونوا في الجهاد ضد العدو الفرنسي ,كما آزرته وانضمت إليه بعض القبائل المقيمة على الحدود الجزائرية- المغربية .لقد حاول الاستعمار الفرنسي خنق الثورة من كل الجهات وبكل الوسائل والتوسع في الجنوب وذلك عن طريق إقامة المؤسسات الاقتصادية وإنشاء المراكز التجارية في كل من إقليم توات وتاديكالت .
ج-المرحلة الثالثة:
تعتبر هذه المرحلة بداية النهاية ,ففي خضم هذه الأحداث استطاع الشيخ بوعمامة أن يكسب العديد من الأنصار ويحضى بثقة سكان المناطق الصحراوية ,وهذا ما جعل السلطات الاستعمارية تفكر في استمالته بكل الوسائل فقامت بالاتصال عن طريق المفوضية الفرنسية بمدينة طنجة المغربية عام 1892 للتفاوض حول قضية الأمان التي انتهت بدون نتيجة .
إن الصلات الودية والطيبة التي كانت بين الشيخ بوعمامة والسلطات المغربية أثارت قلق وتخوف السلطات الاستعمارية الفرنسية ,خاصة بعد الاعتراف به زعيما لقبائل أولاد سيدي الشيخ ومشرفا على كل المناطق الصحراوية مما دفعها مرة أخرى إلى محاولة كسب وده لتسهيل مهمتها في التوسع وبسط نفوذها على المناطق الصحراوية ,لذلك قرر الوالي العام لافريار في 16 أكتوبر 1899 منح الشيخ بوعمامة الأمان التام دون قيد أو شرط.ومع مطلع القرن العشرين دخل الشيخ بوعمامة المغرب الأقصى واستقر في منطقة وجدة , الأمر الذي جعل السلطات الفرنسية في الجزائر تتنفس الصعداء بتخلصها من أحد أشد أعدائها مقاومة .إن السنوات التي خاضها الشيخ بوعمامة في الجهاد عرقلت بشكل كبير التوسع الاستعماري في أقصى الصحراء خاصة الناحية الغربية منها ,رغم الحصار الكبير الذي حاولت السلطات الاستعمارية فرضه على المقاومة بقيادة الجنرال ليوتي .

5- نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة

تمثلت هذه النتائج فيما يلي:
1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.
2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.
3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادر.
4- كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن
الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892
حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة
الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.
5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة
6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب.
7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة
بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي
أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرها في الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .

اختتام الملتقى الوطني للشيخ بوعمامة بالنعامة

اختتام الملتقى الوطني للشيخ بوعمامة بالنعامة
المقاومات الشعبية في حاجة لدراسات تاريخية
أوصى المشاركون في الملتقى الوطني حول شخصية ومآثر قائد المقاومة الشعبية الشيخ بوعمامة الذي اختتمت أشغاله أول أمس بالنعامة بضرورة تعميق الأبحاث والدراسات حول هذه الشخصية التاريخية الثائرة و المقاومات الشعبية بصفة عامة. ودعت توصيات هذا اللقاء الوطني الذي نشطه باحثون وأساتذة جامعيون وشيوخ زوايا إلى ترسيم هذه التظاهرة الفكرية لتصبح تقليدا سنويا.

كما تم التأكيد على أهمية العمل على تنسيق التعاون بين المؤرخين والمحتفظين بالمخطوطات التاريخية المتواجدة بخزانات الزوايا وأحفاد الشخصيات التاريخية وكذا جمع الروايات الشفوية الموثقة لدعم جهود البحث الأكاديمي لكتابة تاريخ المقاومات الشعبية التي عرفتها مختلف مناطق الوطن.

وثمن المشاركون الأهمية القصوى الذي يكتسيها هذا الملتقى الوطني الذي كان فرصة لتسليط الضوء على جانب هام من تاريخ المقاومات الشعبية وسمح ببحث جانب من مآثر و نضالات القائد والمتصوف الشيخ بوعمامة الذي يعد أحد أبرز الشخصيات الثائرة في مسار المقاومات الشعبية في الجزائر.

وحثت التوصيات على ضرورة إعطاء أهمية أفضل لتعليم التاريخ وترسيخ الهوية الوطنية والتشبع بثقافة حب الوطن لدى الناشئة و تشجيع البحث العلمي في المجال التاريخي وتوفير فضاءات للتلاقي وتبادل الأفكار حول مختلف المسائل المرتبطة بالتاريخ وعلوم التراث المتعلقة بمقاومة الشعب الجزائري و حول ثورة التحرير الكبرى التي توجت مسارا طويلا من النضالات الشعبية ضد التواجد الإستعماري على أرض الوطن.

كما اقترح المشاركون بالمناسبة السعي إلى نشر مؤلف حول تاريخ المقاومات الشعبية وأبطالها وكذا دور الزوايا الصوفية في إسناد هذه المقاومات الشعبية.

وتطرقت أشغال هذا الملتقى التي تواصلت على مدار يومين لإشكالية أثر ودور الطريقة الصوفية الإيمانية المنبثقة عن الزاوية التي أسسها الشيخ بوعمامة بمنطقة مغرار التحتاني سنة 1876.

وتم تناول هذه الطريقة الصوفية كظاهرة إجتماعية في مجتمع الجنوب الغربي الجزائري خلال فترة الإستعمار الفرنسي حيث تم إبراز دورها في تأسيس القواعد والقيم الدينية لضمان الإنسجام الإجتماعي الذي كان يمر بمرحلة تفكك إجتماعي أملتها العصبية والنزاعات القبلية.

كما أبرز منشطو الملتقى ملاحظة هامة تؤكد انعدام أي أثر تاريخي مكتوب عن الشيخ بوعمامة عدا الروايات الشفوية و بالمقابل توجد في الوثائق التاريخية الفرنسية وفي تقارير الضباط الفرنسيين الكثير من التفاصيل التاريخية عنه إلا أن الدوائر الإستعمارية عمدت إلى تشويه حقائق الجانب العسكري لمقاومة الشيخ بوعمامة.

هذا وقد وجرى بمناسبة انعقاد هذا الملتقى الوطني نشر كتيب يبرز أثر الطريقة الإيمانية في المقاومة الشعبية للشيخ بوعمامة و مدى إسهامه في ربط الصلة الروحية بين القبائل ونشر الوعي بحكم السلطة المطلقة التي كان يتمتع بها باعتباره شيخ زاوية.

وقد مكنت الطريقة الصوفية التي أسسها الشيخ بوعمامة من تنمية الوعي السياسي الوطني بدل القبلي في مجتمعه وتحكيم الوازع الديني والثأر على الأوضاع المزرية وتمكن من تحويل الصراعات المحلية إلى مقاومة ضد الإحتلال الفرنسي .

و أبرزت مختلف المساهمات الفكرية التي ألقيت خلال الأشغال الدور الهام الذي تؤديه الزوايا حاليا في نشر التعاليم الدينية السمحة و ما تقوم به من دور في مجالات التثقيف و تعميق قيم التكافل بين أفراد المجتمع بعد أن ساهمت خلال فترة الإحتلال في دعم ومساندة الحركة التحررية.

ودعا شيوخ الزوايا الحاضرين في هذا اللقاء الأجيال الناشئة إلى التمعن في تاريخ المقاومات الشعبية وأن يكون لأئمة المساجد دورا أساسيا في التوعية بضرورة حفظ مبادئ الحرية و التسامح و حب الوطن و تلقينها إلى الأجيال الصاعدة.

هذا وقد أجمع المشاركون في الملتقى إلى أن مقاومة الشيخ بوعمامة انطلقت من صلب الطريقة الصوفية ثائرة على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها المواطن متفهمة لحقائق العصر و مكملة للحلقة التي فتحها الأمير عبد القادر وعمقتها مقاومة أولاد سيدي الشيخ وثوار إنغر والدغامشة بإقليم توات ومنطقة قورارة قبل أن يعتمد عليها جيل أول نوفمبر 1954 مواصلا مسيرة النضال والتحرر.

ومن أبرز الإنعكاسات الميدانية لمقاومة الشيخ بوعمامة حسب المشاركين عرقلة مشاريع الإستعمار الفرنسي في الجنوب الغربي للوطن مؤكدين بأنها تعد من أعنف المقاومات الشعبية خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري.

كما كشفت المقاومة ضعف المستعمرين الفرنسيين في مواجهتها وقد اضطروا للبحث عن الحلول السياسية لإخمادها خصوصا مع المرحلة الثانية منها (1883-1892).

واعتبر الباحثون أيضا أن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الإستعمار من المنطقة إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس.

وكانت الطريقة الشيخية "الإيمانية" التي سعى الشيخ بوعمامة إلى نشر معانيها ومقاصدها في أوساط القبائل بمهارة كبيرة قد أفضت إلى توحيد الصفوف وثبات المقاومة التي لم ينطفئ لهيبها إلا بعد وفاة هذا القائد الرمز في 8 أكتوبر 1908.

شخصية القائد المتصوف الشيخ بوعمامة.. محور ملتقى وطني بالنعامة

وكالة الأنباء الجزائرية : 17 - 10 - 2010
ألقى يوم الأحد بمدينة النعامة باحثون ومتخصصون في تاريخ المقاومات الشعبية الجزائرية في ملتقى وطني يدوم يومين لدراسة وبحث مآثر شخصية قائد المقامة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي بالجنوب الغربي من البلاد المجاهد المتصوف الشيخ بوعمامة. وينشط فعاليات هذا الملتقى الذي يحضره ممثل عن وزارة الثقافة ومخرج فيلم "بوعمامة" ابن عمر بختي مجموعة من الأساتذة من جامعتي وهران وبشار سيركزون في مساهماتهم في التعريف بمسيرة الشيخ بوعمامة ودوره في مقارعة الإحتلال الفرنسي. كما تتناول المحاضرات المبرمجة في هذا اللقاء شرح الطريقة الصوفية عند الشيخ بوعمامة من خلال استعراض أذكار و أوراد الطريقة الشيخية الإيمانية التي انبثقت عن الزاوية التي أسسها الشيخ بوعمامة بمنطقة مغرار التحتاني سنة 1876. وسيناقش المشاركون عدة مواضيع منها"دور الطرق الصوفية في مقاومة الإستعمار الفرنسي " و "الشيخ بوعمامة سلوك ومواقف " وذلك من خلال التطرق الى معايشة الشيخ بوعمامة لأحداث ثورتي الأمير عبد القادر الجزائري و أولاد سيد الشيخ حيث شب الشيخ بوعمامة على رفض الإستعمار الى أن شرع في تنظيم القبائل لمواجهة العدو وصد مخططاته التوسعية الهادفة الى الإستيلاء على منطقة الصحراء بجنوب البلاد سنة1881. ومما جاء في المداخلة الإفتتاحية للملتقى أن تناول هذه الشخصية التاريخية الكبيرة ودورها في مسيرة كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي يهدف إلى "تعريف جيل الإستقلال بإحدى أهم المقاومات الشعبية التي إستغرقت أطول مدة في تاريخ الثورات الشعبية الجزائرية والتي دامت أكثر من 20 سنة (1881 إلى 1904 ) بالرغم من تفوق الجيش الفرنسي في العدة و العتاد". وخلال التوقف عند أهم المحطات التاريخية لمقاومة الشيخ بوعمامة أبرزت مناقشات الباحثين في هذا اللقاء أهم المعارك التي قادها الشيخ بوعمامة ضد الإستعمار الفرنسي مع استعراض مسيرة طويلة من الإنتصارات المتتالية إخترق خلالها الشيخ بوعمامة حواجز الجيوش الفرنسية و قطع خطوط التلغراف و هاجم شركات الحلفاء. كما توقفت هذه المداخلات أيضا عند أقوال بعض الصحف الفرنسية حول مقاومة الشيخ بوعمامة معترفة بشراسة مقاومته .وتطرق المتدخلون أيضا الى العوامل التي مكنت هذا الثائر من استقطاب ولاء و تأييد أغلب القبائل الصحراوية ومن بينها قبائل " الطرافي" و "الأحرار" و " الشراقة" و" أولاد زياد" و" الشعانبة" وغيرها. ومن جهته، عرف الأستاذ رأس مال عبد العزيز من جامعة وهران الشيخ بوعمامة بأنه "من أحفاد الولي الصالح الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ وهو من بني عمومة سي سليمان بن حمزة زعيم الإنتفاضة المسماة في تاريخ الجزائر المعاصر بثورة أولاد سدي الشيخ و بأنه ذو ورع وحكمة وسداد رأي وحسن تدبير تألقا بجديه القطبين الصالحين سيدي الشيخ وسيدي سليمان بن أبي سماحة". كما شرح الأستاذ عبد المالك براهيمي الجانب الروحي للقائد المتصوف بوعمامة بقوله "ان الشيخ كرس جانبا مهما من حياته في طلب العلم والبحث في الأمور الفقهية وكانت طريقته الصوفية (الإيمانية) التي رسمها بطابعه الورع وحياته الثائرة على الأوضاع المزرية التي كانت تعيشها المنطقة نقطة التحول و الركيزة التي ساعدت على ربط الصلة الروحية بالقبائل ومحاربة البدع و الخرافات في أوساط القبائل وذلك بنشر أذكار وأوراد تلك الطريقة وعقد حلقات الذكر لقراءة القرآن العظيم ودعم الوازع العقائدي ومحاربة الجهل في البوادي و الصحراء". وتتواصل فعاليات هذا الملتقى الذي تنظمه مديرية الثقافة لولاية النعامة بتقديم عدة مداخلات حول مقاومة الشيخ بوعمامة ومناقشة التفاصيل الجوهرية التي أحاطت هذه المقاومة الشعبية الشهيرة وبحث نتائجها وانعكاساتها والمتمثلة أساسا في عرقلة توغل المستعمر في الجنوب الغربي للوطن.

الموت البطيء لـ 13ألف نخلة وأكثر من 20 ألف شجرة مثمرة



سنة تمر على فيضانات أكتوبر 2008 ومعاناة سكان قلعة بوعمامة بولاية النعامة لا تزال على حالها، فبالإضافة إلى مصدر الرزق الذي سدته مياه الطوفان الذي غمر الواحة وآلاف الأشجار المثمرة التي لم تصمد في وجه مياه بلغ علوها أزيد من متر ونصف، أصبح سكان المنطقة من الشباب يفكرون في الأخطر·· الهجرة؟!··
هذا واقع الحال، فواحة لا تملك من غير نخيلها وبساتينها سبيلا للرزق، فالقضية اليوم أصبحت بالنسبة إليهم قضية حياة وموت، حيث يوجهون نداء استغاثة إلى السلطات المركزية بعد أن بحت أصواتهم في استجداء المسؤولين المحليين الغوث والنجدة من مصير الجوع والتشرد·
رسالة أهل المنطقة وصلت ''الجزائر نيوز'' مرفقة بصور عن آثار الكارثة التي لا تزال ماثلة بعد سنة من حلولها، بالإضافة إلى عريضة موقعة من قبل مواطني قلعة بوعمامة، حيث ارتأينا سرد معاناة سكان المنطقة كما هي دون حذف أو نقصان، إذ لا يوجد أصدق من رواية المعنيين لأزمة في عيد حلولها الأول·
تعتبر، قلعة الشيخ بوعمامة، المنطقة الأكثر تضررا بولاية النعامة، إذ غمرت مياه الأمطار والوادي المحاذي، الواحة عن آخرها وغمرتها الأوحال والرمال بارتفاع تجاوز 1.5 متر، غطت النخيل والأشجار المثمرة، وردمت منابع المياه التي تسقي الواحة والفقارات والبساتين·
فبعد سنة كاملة لم يتغير أي شيء على الأرض، وظلت أكثر من 13 ألف نخلة و20 ألف شجرة مثمرة تحت الرمال والأوحال ولم تسقى منذ أكتوبر ،2008 ورغم كل هذا لم تعلن منطقة منكوبة·
وعود المسؤولين ومديرية الفلاحة والري أغرقت الواحة أكثر من الفيضانات
تأسف، سكان قلعة الشيخ بوعمامة وسكان الواحة، لزيارات المسؤولين التي لم تكن في مستوى تطلعاتهم حيث كانوا ينتظرون تدخلا عاجلا، إلا أنه، للأسف، لم تحرك تلك الأضرار المسؤولين، رغم رفع سكان المنطقة انشغالاتهم إلى المسؤولين عدة مرات، إلا أن الأمور بقيت على حالها، وكأن قلعة الشيخ بوعمامة خارج مجال اختصاصهم، ولم يكن الأمر غريبا، لاعتبار أن القلعة وسكانها مهمشون منذ عشرات السنين، ولا يكاد يرى سكانها المسؤولين إلا في المواسم السياحية أو استضافة المسؤولين السامين في الدولة، على غرار زيارة رئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات المتعاقبين والوزراء، حيث تتزين القلعة، كباقي مناطق الوطن، بماكياج الزيارات الرسمية من طلاء وتنظيف، ثم يعود الاكتئاب من جديد مباشرة بعد اننهاء الزيارة·
الذي حدث باختصار بعد الكارثة، وعود متكررة، وحديث عن تسجيل مشاريع هزيلة، لكن الأسوأ من هذا أنه، لحد الآن وبعد مرور ما يقارب السنة لا وجود لأي تكفل ميداني من طرف السلطات المختصة، وعلى رأسها مديرية الفلاحة والري والسهوب؟ ناهيك عن البلدية التي لا تعرف القلعة إلا في الزيارات ولا تحسن إلا تحويل المشاريع وإنجازها في مقر البلدية·
في غياب مديرية الفلاحة·· 4 أشهر من تطوع السكان دون جدوى
من تقاليد أبناء القلعة، التطوع لإزالة الأوحال بعد كل فيضان، لكن فيضان 2008 كان الأكبر بشهادة كبار السن الذين أكدوا أنهم لم يسمعوا، من أجدادهم، عن فيضانات كهذته، وأكدوا أنها الأكبر، على الأقل، في هذا القرن· لقد تطوع السكان مدة 4 أشهر ولم يتمكنوا من فتح مجاري الساقية في غياب أي تدخل للسلطات، فقد السكان يأملون في إعادة الحياة للواحة لكنهم يتمكنوا من تحقيق ذلك نظرا للكمية الهائلة من الأوحال التي غمرت العيون والفقارات والبساتين والتي تحتاج إلى تدخل عاجل من الدولة·

متى تعود المياه إلى مجاريها؟
تسقى الغابة من منبع مائي يقع في طرف الواحة، في مكان مرتفع نسبيا قد قام الأجداد والآباء بحفر سواقي تحت الأرض على شكل نفق أرضي وتم بناؤها بالأحجار حيث تمكن من زيادة الماء في الساقية في حالة وجود منابع مائية نظرا للفجوات بين الحجارة وعلى مسافة 10 إلى 15 متر يتم وضع فتحة تسمى بالفقارة، يتم من خلالها النزول ثم المشي عبر الساقية التي يبلغ ارتفاعها مقدار قامة الفلاح ليتمكن من تنظيف الساقية وإزالة الأوحال في حالة انسدادها، ومن ثم يخرجها عبر الفقارةئ ويوجد حوالي 150 فقارة· كما يتم سقي الجزء الجنوبي للواحة من عين أخرى بنفس الطريقة وقد تدعمت الساقية بآبار في بعض النقاط، لكن للأسف الشديد، غمرت كل هذه الفقارات بالرمال والأوحال وهي تنتظر عودة المياه إليها·
فمتى تعود المياه الى مجاريها··؟

الواحة مصدر رزق واستقرار السكان·· إلى الزوال
باعتبار قلعة الشيخ بوعمامة منطقة فلاحية، فقد واصل أبناء القلعة، بعد الاستقلال، نشاطهم الفلاحي حيث غرسوا النخيل والأشجار المثمرة، وأخذوا مهنة الفلاحة عن آبائهم ومنذ ذلك الحين عرفت قلعة الشيخ بوعمامة بأجود التمور في المنطقة كـ: ''الآغْرَاسْ'' وهو النوع الرفيع الذي يمتاز بجودة عالية، كما يساهم منتوج الواحة في تحقيق الإكتفاء الذاتي للسكان واستقرارهم، ويزودهم بمختلف الخضروات والفواكه·
إلا أن عدم اهتمام المسؤولين المحليين بالواحة ورعايتها وتخصيص مشاريع لحمايتها، جعلها عرضة لمختلف الفيضانات، كان أهمدها فيضان أكتوبر 2008 الذي اجتاح البساتين ومجاري المياه وغمرها بالأوحال والرمال، وهي لا تزال تنتظر، إلى غاية اليوم، من ينقذها وينقذ 13 ألف نخلة وأكثر من 20 ألف شجرة مثمرة لم تصلها قطرة ماء طيلة سنة كاملة·· فلا شيء في الميدان سوى بعض زيارات المسؤولين الذين أغرقوا الواحة في الوعود·

آخر محاصيل التمور محاصرة بالرمال والأوحال ·· مشاريع تنجز بدون دراسة لذر الرماد في العيون
يتم تسجيل مشاريع في إطار المخطط البلدي للتنمية والمشاريع القطاعية للفلاحة والري، لكن إنجازها يتم بدون دراسات، مما أدى بالكثير منها إلى الزوال على غرار ما يحدث بضفاف الوادي الذي التهم مئات الملايين في إنجاز المتاريس، وكذا عمليات حماية الواحة بالجدران، حيث لم يبق أثر لكل المشاريع المنجزة نظرا للعشوائية في الاختيار وعدم احترام مقاييس الإنجاز·

متاريس على ضفاف الوادي جرفتها المياه··دراسة كاملة للحفاظ على الواحة·· لكن بدون مشروع
يوجد في أدراج مديرية الفلاحة ومحافظة تنمية الفلاحة الصحراوية، دراسة صرفت عليها الدولة عشرات الملايين وقام بها مكتب دراسات متخصص، لكن للأسف لم تسجل على إثرها مشاريع لفائدة الواحة، فلماذا تقام الدراسات إذا لم تتوج بمشاريع ؟·

غياب تام لمحافظة السهوب ومحافظة الغابات·· وكأن الأمر لا يعنيهما
تواصل محافظتا السهوب والغابات التهرب من المسؤولية حيث تركت آلاف أشجار النخيل ومنابع السقي تئن تحت الأوحال والرمال، فمتى تستيقظ هاتان الهيئتان أم أن قلعة الشيخ بوعمامة خارج مجال عملهما·
آلاف أشجار النخيل والأشجار المثمرة·· خارج اهتمام محافظة الغابات والسهوب

الوضع ينذر بالإنفجار: شباب القلعة:

لم يبقى لنا إلا الهجرة بعد موت مئات الأشجار ''فرنسا لم تستطع تهجير آبائنا، لكن المسؤولين نجحوا حيث فشلت فرنسا·· ونحن مضطرون لترك منازلنا وهجرة أهالينا··''
سنة كانت كافية ليتمكن اليأس من نفوس شباب القلعة الذين تطاردهم البطالة، حيث يتحدثون عن انعدام الورشات والمشاريع الاستثمارية الفلاحية و الصناعية وغيرها، لكن كان هناك ما يلبي حاجتهم المعيشية ويؤمن مستقبلهم من خلال مزاولة النشاط الفلاحي بالواحة من خلال عنصرين هامين، الأشجار المثمرة وعلى رأسها النخيل والمشمش·· وزراعة المساحات الفلاحية··
لكن بعد هذه الكارثة، بدأ الشباب يفكر في هجرة المنطقة، ولما لا الحرفة متى توفرت الظروف وأتيحت السبل، هذا هو لسان حال الشباب الذي ضاق به الأفق، في حين يلجأ البعض إلى العمل في إطار الشبكة الاجتماعية وتشغيل الشباب، لكن هذه الأخيرة ليست من نصيب الجميع، حيث تعطى لمن رضي عنه العمدة؟ في أشكال أخرى من الحفرة والتهميش وانعدام تكافؤ الفرص··

السكان والمجتمع المدني ينتظرون تدخل السلطات ويقترحون مشروع لإنقاذ وحماية الواحة
راسل، السكان والمجتمع المدني رئيس الجمهورية والوزير الأول ووزير الداخلية ووزير الفلاحة ووزير الموارد المائية ووزير البيئة ووالي ولاية النعامة للتدخل العاجل من أجل إنقاذ الواحة من الزوال وإنقاذ آلاف الأشجار من الموت، ومن أجل تثبيت استقرار السكان الذين أصبح مصيرهم مجهولا بعد سنة كاملة أغرقهم فيها المسؤولون بالوعود، كانت بدايتها بإعلان منطقة منكوبة، واختتمت بالتكفل الميداني، لكن لاشيء حدث ولم تعتمد قلعة الشيخ بوعمامة منطقة منكوبة، ولم يظهر أي تكفل ميداني، وظلت البساتين ومنابع المياه والسواقي غارقة في الرمال والأوحال·

مشروع إنقاذ وحماية الواحة تسجيل مشروع خاص بالدراسة التقنية
إن عدم الاعتماد على دراسات متخصصة في إنجاز المشاريع كان سببا في تضرر الواحة من الفيضانات الأخيرة، مما يستدعي إجراء دراسة متخصصة لحماية الواحة تأخذ في الحسبان الطابع التقليدي الخاص للواحة، خاصة فيما يتعلق بترميم العين الكبيرة وتجديد شبكة الفقارات والسواقي·

تسجيل مشاريع استعجالية لإنقاذ الواحة، تشمل ما يلي:
أولا:

·1 بناء متاريس على ضفاف الوادي المحاذي للواحة·
·2 بناء جدار من الإسمنت المسلح يحمي العين الكبيرة والفقارات المجاورة التي تتضرر دوما من الفيضانات·
·3 إزالة الأوحال من شبكة الفقارة والسواقي·
·4 إزالة أكوام الرمال المتراكمة في بساتين الواحة·
·5 تجريف رمال الوادي وتوسيعه عند مدخل القلعة·
ثانيا:
·1 ترميم العين الكبيرة - وفق دراسة - باعتبارها المنبع الرئيسي للمياه·
·2 تجديد شبكة الفقارة والسواقي·
·3 تسجيل عمليات تجديد أشجار النخيل والأشجار المثمرة·
·4 بناء سياج يحيط بالواحة والشوارع الرئيسية للواحة·


عدد الصادر بتاريخ الأربعاء 23 سبتمبر2009 لجريدة الجزائر نيوز

L'oasis de Tiout et Moghrar


Oasis de Moghrar et de Tiout
04/06/03; Nâama; 195,500 ha; 32°53'N 002°02'W. Comprises the two Oases Moghrar (Foukani and Tahtani) and the Oasis Tiout at about 1000m altitude, connected by the upper reaches of the Oued Namous and ringed by the southern flank of the Ksour mountains at about 1700m. With the site's typically dry saharan climate, the oases support family agriculture, mainly the cultivation of date palms and vegetables at different levels of terraces; "feggous" and "Aghrass" are the date palms of excellent quality that are of conservation interest. The existence of the fouggaras, an 11th century or earlier system of water capture and distribution, is characteristic of the region and qualifies the site as a Ramsar wetland type Zk(c) - "Karst and other subterranean hydrological systems, human-made". Moghrar is ornithologically significant, with Common or Red Crossbill, woodpigeon, Blue Rock Thrush, among others. The area is known for its ancient rock art, a small prehistory museum, and its Ksar or "fortress", which was formerly the stronghold of the Sheik Bouamama, a key
figure in the country's fight against colonialism. Ramsar site no. 1302

قلعة الشيخ بوعمامة ..ذاكرة جزائرية



يمثل قصر مغرار وقلعة الشيخ بوعمامة المنتصبان بولاية النعامة الجزائرية ( 600 كلم جنوبي غرب العاصمة)، ذاكرة المقاومة الشعبية في بلد واجه أبناؤه على مدار أكثر من قرن ونيف الاستعمار الفرنسي، وتمّ تحويل هذين الموقعين المتجاورين إلى متحف أثري وفضاء مفتوح للإستراحة والإستكشاف بجانب دار للضيافة حتى يتسنى إستقطاب السياح وإتاحة الفرصة للزوار من أجل الغوص في تاريخ المنطقة والتعريف بالهندسة المعمارية القديمة والحرف التقليدية المميزة لنمط حياة السكان القدامى بقصور جبال الأطلس الصحراوي الغربي.
وتتسم القلعة التي تحمل اسم "الشيخ بوعمامة" (1838 - 1908) وهو أحد أكبر أبطال المقاومة الشعبية في الجزائر، بنظامها الدفاعي وأبراجها الحربية المصممة للرصد والشامخة في وجه قساوة المناخ وتغيرات الطبيعة، وتتميز القلعة أيضا بطابعها الهندسي الهرمي المستوحى من الطراز المعماري المحلي، ما يجعلها تجذب إليها أنظار آلاف الزوار كل عام، وتتوفر القلعة على نحو 34 برجا للمراقبة وأطلال سور كبير وثلاثة مداخل رئيسية ومنارة لمسجد عتيق شيد بالمنطقة قبل ستة قرون خلت، إضافة إلى بقايا ورشة لصناعة أدوات حربية وذخيرة ومطمورات لتخزين المؤونة.
ويقول الخبير "زكي شتوح" أنّه جرى الاعتماد في بناء قلعة بوعمامة في بنائها على مادة الجبس التقليدية نظرا لتوفرها في المنطقة، مع العلم أن قبة القلعة المبنية من الجبس وسط المدخل الرئيس للمتحف الحالي، وهي أيضا تحفة معمارية في غاية من الدقة والجمال، ويلحظ الزائر للمكان قوة تماسك جزئيات القلعة خاصة في جدرانها الخارجية التي يبلغ عرض القطعة بها حوالى المترين.
وعلى الرغم من أهمية الإرث الحضاري والتاريخي للقلعة، إلاّ أنّ كثير من أسوارها ظلت معرضة للتلف ولم تستفد سوى من عمليات شكلية لم تتجاوز طلاء واجهاتها، تستوجب أشغال صيانة وتأهيل بعد أن أصبحت معرضة للانهيار في أي لحظة، في وقت يقول مسؤول مكتب الآثار وحفظ التراث بمديرية الثقافة التابعة للمنطقة، أنّ قلعة الشيخ بوعمامة المصنفة كثرات وطني محمي تتشكل من آثار ثمينة تم صيانة البعض منها وإسترجاع بعض ملامحها بعد أشغال التهيئة والترميم التي مرت بعدة فترات منذ سنة 1998 إلى غاية بداية العام الحالي.
وعلى مبعدة 137 كلم جنوبي شرق ولاية النعامة، يقع قصر مغرار التحتاني الذي يحتوي على مادة توثيقية هامة تخص وصايا الشيخ بوعمامة ومخطوطاته التي تمثل مختلف مخلفاته في مجال علوم الدين ومعارف الفقه و التفسير كما تؤرخ لمختلف المراحل التاريخية التي شهدتها المنطقة لتعطيل توغل و نفوذ المستعمر الفرنسي نحو الصحراء الكبرى.
ويحتوي قصر مغرار على جدران منقوشة بزخارف وفسيفساء من الفن المعماري الإسلامي القديم و بقايا أواني فخارية وعتاد بسيط استعمل
في زراعة البساتين بالمنخفضات الوديانية للمنطقة، وتنتمي جميع تلك الكنوز الأثرية إلى محيط حصن دفاعي شيده قائد المقاومة الشعبية بالجنوب الغربي للجزائر.
واستنادا إلى إفادات مسؤولي قطاع الثقافة، فإنّه يُرتقب الشروع في أشغال جرد ومسح ضمن مخطط لإحصاء كنوز الذاكرة، بعدما عُثر على دلائل جغرافية وطبيعية لبقايا متحجرة ونقوش صخرية وردت في كتابات العلامة إبن خلدون في بيئة تتوسطها خمس قصور قديمة عبر من خلالها الإنسان البدائي عن كينونته منذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد بحسب مؤرخين.